تظهر المؤشرات الرقمية استمرار نمو سوق صناعة الألعاب الإلكترونية في تركيا التي تشير الإحصائيات إلى أنها تحتل المرتبة الأولى في المنطقة والـ16 على مستوى السوق العالمية التي يبلغ حجمها نحو 110 مليارات دولار.
ويقدر النمو السنوي لقطاع الألعاب الإلكترونية في تركيا بـنحو 7%، ويبلغ حجم صادراته السنوية مليار دولار موزعة على عدد من القطاعات التكنولوجية ومن ضمنها 200 مليون دولار من الألعاب على الهواتف الذكية، وفقا لإحصائيات عام 2019.
وتبذل الشركات الرقمية والمبرمجون جهودا كبيرة للحفاظ على مكانة صناعة الألعاب الإلكترونية التركية التي تتبوأ أيضا موقعا متقدما في حقل ريادة الأعمال عبر أنشطة تعليمية وتدريبية متعددة، في حين يؤكد المبرمجون أن هذا النشاط تضاعف أخيرا بالاستفادة من اتجاه الرقمنة الذي ساد مع انتشار جائحة كورونا.
وعلى الرغم من تأثير جائحة الفيروس التاجي في بعض الصناعات بطريقة سلبية، فإن صناعة الألعاب التركية ظلت في وضع جيد، بل وتحسنت كما تشير البيانات جراء زيادة أعداد المستخدمين النشطين والأوقات التي يمضونها في ممارسة الألعاب في منازلهم والإيرادات اليومية التي ارتفعت أثناء الوباء، خاصة أن المبرمجين الأتراك نجحوا في التحول السريع إلى ممارسة التصميم والتنفيذ والإنتاج والتسويق من داخل المنزل مع ظهور الجائحة.
النمو المطّرد لسوق الالعاب الالكترونية
وحسب جمعية مطوري الألعاب الإلكترونية في تركيا “توغيد” (TOGED) فقد بدأ إنتاج الألعاب الإلكترونية في تسعينيات القرن الماضي من خلال أعمال صغيرة تنفذها شركات قليلة توسعت وازداد عددها في العقدين التاليين.
ويقول أوزغور كارايالتشين نائب رئيس الجمعية مدير تطوير الأعمال في شركة “في إل ميديا” (VL Media) التركية إن نشاط إنتاج الألعاب الإلكترونية توسع مع افتتاح مركز تكنولوجيا الألعاب أو حديقة الألعاب التركية “تيكنيكانت” (TEKNEKANT) عام 2008، وازدهرت شركاته الخاصة في أنقرة وإسطنبول بعد عام 2010 مستفيدة من تطور تقنيات الهواتف الذكية.
ويوضح كارايالتشين أن الشركات التركية كانت في البداية تنتج الألعاب الإلكترونية ومكملاتها وتحسيناتها، ولم تكن تستطيع إنتاج أجهزة اللعب متكاملة البرمجيات نظرا لاحتياجها إلى طواقم عاملين كبيرة وموازنات مالية عالية قبل تطور ألعاب الهاتف التي أصبحت تتطلب وقتًا أقصر واحتياجات مالية أقل للإنتاج وهو ما وسّع الطاقة الإنتاجية التركية منذ 2010.
ويقول المسؤول التركي -للجزيرة نت- إن كثيرا من الشركات المتخصصة في صناعة ألعاب الهاتف قد تأسست في تركيا، ومنها شركات الإنتاج المتوسط “ميد-كور غيمز” (mid-core games) التي أسهمت في نمو صناعات الهاتف العالمية وظهور شركات كبرى رائدة في هذه الصناعة.
ويرى أن تركيا نجحت في دخول مجموعة الدول الأفضل عالميا في مجال صناعة الألعاب كالولايات المتحدة الأميركية والصين وكوريا الجنوبية وألمانيا وبريطانيا وفرنسا، وأنها أصبحت قبلة جاذبة للمستثمرين في هذا المجال.
الدعم وريادة الأعمال
تأسس اتحاد مطوري الألعاب في تركيا عام 2014، وحمل اسمه التركي جمعية مطوري الألعاب التركية عام 2016 عنوانا يمثل العلامة التجارية للمنتجات التركية محليا وعالميا، وهو يضم الآن -وفقا لكارايالتشين- 40 عضوا من الشركات التي تجاوز حجم صادراتها مليار دولار عام 2018.
ويقول كارايالتشين إن الاتحاد حصل على دعم حكومي كبير منذ عام 2015 كما حصل على مساندة مهمة في مجال الدعم الفني عبر وزارة التجارة، معتبرا الدعم المالي من الاحتياجات الأساسية لنمو قطاع صناعة الألعاب الإلكترونية.
وفي الوقت ذاته يشير إلى أن محدودية المصادر البشرية من مصممي ومنتجي الألعاب ومطوريها من مهندسي البرمجيات تمثل التحدي الأكبر لصانعي الألعاب خاصة لدى الشركات الناشئة.
ويعمل الاتحاد اليوم على إطلاق برنامج تعليمي واسع بدعم من وكالة أنقرة للتنمية وعبر مؤسسة “تكنوكنت” التي تعد صناعة الألعاب الإلكترونية واحدة من أهم مكوناتها، حيث يهدف البرنامج إلى رفع إنتاجية شركات صناعة الألعاب في أنقرة عن طريق تعليم مطوري ألعاب جدد وتدريبهم وبناء منصات الرواد التي تجمعهم.
ومن جهته يرى جان أرتشلبي الشريك الإداري في شركة “ديغيتوي غيمز” (Digitoy Gmes) للألعاب الرقمية أن نسبة الشباب العالية في تركيا تمنح قطاع صناعة الألعاب إمكانات كبيرة من خلال إنشاء ودعم العديد من الشركات الناشئة كل عام بالاستفادة من الحوافز الرئيسة التي تقدمها الحكومة.
ويقول أرتشلبي إن برامج التعليم التكنولوجي التي توفرها الجامعات تمنح فرصا لنمو استوديوهات الألعاب بسرعة كبيرة تسهم في حل مشكلات الوقت الذي يستغرقه تكوين فرق تطوير العمل الناجم عن نقص الموارد البشرية المؤهلة.
ووفقا للمعطيات الرسمية فإن أندية كرة القدم الكبرى مثل بشيكتاش وغلطة سراي قد أسست فرقا للرياضة الإلكترونية، في حين يتوقع أن تضيف جميع الأندية التركية هذه الفرق إلى رياضاتها خلال العقد المقبل.
آليات العمل
ويوضح خبراء قطاع الألعاب الإلكترونية أن خطوط تطوير الإنتاج تتشابه في هذا القطاع في السمات العامة لكنها تتمايز وفقا لنوع اللعبة، مما يساعد في تنظيم مستوى العمل عبر معرفة الجميع لأساسيات ما يحتاجون إلى تقديمه ومتى.
ويقول أرتشلبي إن أول مستويات العمل في إنتاج الألعاب الإلكترونية هو مرحلة ما قبل الإنتاج، لذلك يبدأ كل مشروع بالأسئلة الحرجة نفسها وهي:
– ما اللعبة؟
– من الجمهور؟
– ما حالة السوق فيما يتعلق بمستوى المنافسة؟
– في أي منصة سيتم نشرها؟
– ما الميزانية والعائد على الاستثمار؟
– ما نموذج الأعمال الخاص باللعبة؟ (هل هو مجاني للعب، أو مدفوع؟ وما إلى ذلك).
ثم تبدأ عملية وضع النماذج الأولية، لتسهيل التقييم العميق ومنح فريق التطوير فرصة للتحقق مما إذا كان هناك أي تحد تقني يتناسب مع مصادر التطوير قبل تحديد الموعد الافتراضي الذي يرى فيه المنتج النور.
أما المستوى الثاني فهو الإنتاج الذي يستغرق الوقت الأطول ويتمثل، حسب أرتشلبي، في ميكانيكا تصميم الألعاب وإنشاء واجهة المستخدم وتطوير الأدوات المخصصة وتنفيذ الخوارزميات وما إلى ذلك.
ويعتقد أرتشلبي أن عملية إنتاج اللعبة الحقيقية تبدأ من المرحلة الثالثة والأخيرة، وهي مرحلة ما بعد الإنتاج التي تتضمن إصلاح الأخطاء والتحديثات الرامية إلى زيادة مشاركة الجمهور وتحليل سلوك المستخدمين وفحص مستويات اللعبة واتخاذ الإجراءات اللازمة لتحقيق الدخل منها.